في السنوات الأخيرة، شهد العالم العربي تحولاً لافتًا في ملامح قطاع الأعمال، تمثل في صعود ريادة الأعمال النسائية بشكل غير مسبوق. لم تعد المرأة تكتفي بدور المتابعة أو التنفيذ، بل أصبحت مؤسسة وقائدة، تقود مشاريع ناجحة في مجالات التكنولوجيا، التصميم، التعليم، الصحة، والبيئة.
تحول في الثقافة الاقتصادية
لم يكن من السهل سابقًا على النساء في العديد من دول الشرق الأوسط خوض غمار العمل الحر، إما بسبب القيود الاجتماعية أو نقص الدعم المؤسسي. لكن اليوم، تغيّرت المعادلة، بفضل:
- التوسع في التعليم العالي للفتيات.
- زيادة فرص التدريب المهني والتقني.
- المبادرات الحكومية والمجتمعية التي تدعم تمكين المرأة اقتصاديًا.
في السعودية مثلاً، تشير الإحصاءات إلى أن النساء يمثلن اليوم أكثر من 45% من رواد الأعمال الجدد، وهو رقم كان يعتبر مستحيلاً قبل عقد من الزمان.
مميزات المشاريع التي تقودها النساء
تتسم المشاريع النسائية في المنطقة غالبًا بسمات مميزة:
- المرونة العالية في الإدارة واتخاذ القرار.
- الابتكار في نماذج الأعمال، خاصة في المشاريع المنزلية أو الرقمية.
- الاهتمام بالجودة والتفاصيل، ما يعزز من ثقة العملاء.
- الوعي الاجتماعي، إذ ترتبط كثير من المبادرات النسائية بقضايا المجتمع وتمكين الفئات الهشة.
كما أن كثيرًا من رائدات الأعمال يسعين إلى الجمع بين الربح والاستدامة، وهو ما يعكس تطورًا في الفكر الاقتصادي النسائي.
تحديات لا تزال قائمة
رغم هذا التقدم، لا تزال رائدات الأعمال في العالم العربي يواجهن صعوبات، أبرزها:
- الحصول على التمويل: إذ تشير الدراسات إلى أن النساء يحصلن على نسب أقل من رأس المال الاستثماري مقارنة بالرجال.
- العقبات الإدارية والقانونية: خصوصًا في الدول التي تعاني من بيروقراطية معقدة.
- ضعف شبكات الدعم والتوجيه: في حين يعتمد رواد الأعمال الذكور غالبًا على علاقات مهنية واسعة.
خطوات لدعم رائدات الأعمال
إذا أرادت الدول العربية تعزيز هذا الاتجاه الصاعد، فلا بد من:
- إطلاق صناديق تمويل خاصة بالمشاريع النسائية.
- توفير حاضنات أعمال موجهة للنساء.
- تشجيع نماذج القدوة عبر الإعلام والمدارس والجامعات.
- تعديل بعض القوانين التجارية التي لا تزال تقيّد مشاركة المرأة.
الخلاصة
ريادة الأعمال النسائية لم تعد هامشًا، بل أصبحت رافعة اقتصادية حقيقية في الشرق الأوسط. الاستثمار في هذه الطاقة الكامنة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو خيار ذكي لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في مجتمعاتنا.