في الوقت الذي تبحث فيه الدول العربية عن مصادر جديدة للدخل بعيدًا عن الاعتماد المفرط على النفط أو التحويلات، تبرز “السياحة الاقتصادية” كفرصة استراتيجية واعدة. هذا المفهوم الحديث يدمج بين الترفيه والعمل، مستهدفًا فئة المستثمرين ورجال الأعمال والمهنيين الذين يسافرون لحضور المؤتمرات، المعارض، الفعاليات التجارية، أو حتى توقيع الاتفاقيات.
ما هي السياحة الاقتصادية؟
تُعرف السياحة الاقتصادية بأنها حركة السفر التي يكون الهدف الأساسي منها متعلقًا بالنشاط التجاري أو المهني، مثل:
- المشاركة في المعارض التجارية الدولية.
- حضور المنتديات الاقتصادية والمؤتمرات التخصصية.
- زيارة المناطق الصناعية أو مناطق الاستثمار الحرة.
- التفاوض وتوقيع اتفاقيات وصفقات.
هذه الفئة من السياحة لا تقل أهمية عن السياحة الترفيهية، بل تُعد أكثر إنفاقًا وفاعلية في تحفيز الاقتصاد المحلي.
نماذج عربية رائدة
بعض الدول العربية بدأت تدرك أهمية هذا النوع من السياحة وتعمل على تطوير بنيتها التحتية لاستقطابها:
- الإمارات العربية المتحدة: خصوصًا دبي، التي أصبحت مركزًا عالميًا للمؤتمرات والمعارض، حيث تستضيف فعاليات كبرى مثل معرض “إكسبو”، و”أسبوع جيتكس للتقنية”، و”القمة العالمية للحكومات”.
- المملكة العربية السعودية: من خلال “رؤية 2030″، بدأت بتنظيم فعاليات اقتصادية دولية، مثل “مبادرة مستقبل الاستثمار”، والترويج للمدن الاقتصادية الجديدة كمقاصد للأعمال.
- مصر: عززت مكانتها كمركز إقليمي من خلال المؤتمرات الدولية والاستثمار في مراكز المعارض في القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة.
الفوائد الاقتصادية للسياحة الاقتصادية
- زيادة الطلب على الفنادق والمطاعم وخدمات النقل.
- تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر نتيجة التقاء المستثمرين في أرض الواقع.
- خلق فرص عمل دائمة وموسمية في قطاع الضيافة وتنظيم الفعاليات.
- رفع صورة الدولة اقتصاديًا وسياسيًا في المحافل الدولية.
وتشير الدراسات إلى أن كل دولار يُستثمر في فعاليات ومعارض كبرى يعود على الاقتصاد بعائد يتراوح بين 4 إلى 6 دولارات.
التحديات والفرص
لكي تنجح الدول العربية في بناء قطاع سياحة اقتصادية قوي، يجب عليها:
- تبسيط إجراءات منح التأشيرات والتراخيص للمشاركين.
- تطوير بنية تحتية ذكية ومتقدمة تشمل مراكز مؤتمرات عالية الجودة.
- الترويج الذكي عبر المنصات الدولية المتخصصة في سياحة الأعمال.
- تأهيل الكوادر المحلية لتقديم خدمات احترافية لرجال الأعمال الزائرين.
الخلاصة
السياحة الاقتصادية ليست مجرد نمط سياحي، بل هي منصة تفاعلية لتحفيز الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات، وفتح قنوات جديدة للتعاون الدولي. ولدى العالم العربي الإمكانيات الجغرافية والموارد البشرية التي تؤهله ليكون رائدًا في هذا القطاع إذا ما تم استثماره بالشكل الصحيح.